ومن ذلك قوله تعالى {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (?) قرئ (يكذبون) بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال بمعنى يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين، وقرئ (يكذبون) بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة بمعنى يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي، فمعنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر ولا يناقضه بل كل منهما ذكر وصفا من أوصاف المنافقين، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس، ووصفتهم الثانية بتكذيبهم رسل الله فيما أوحى إليهم من التشريع، وكل حق فإن المنافقين جمعوا بين الكذب والتكذيب.
ومن ذلك يتبين أن تعدد القراءات كان بوحي من الله لحكمة، لا عن تحريف وتبديل، وأنه لا يترتب عليه أمور شائنة ولا تناقض أو اضطراب، بل معانيها ومقاصدها متفقة.
والله الموفق.