الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: الجهاد: من أصول الأديان، ولا يستقيم أمر المسلمين إلا به، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة عندما قال: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد (?)».
والجهاد من المجاهدة، وهي بذل الجهد واستنفاذ الطاقة في سبيل حصول المقصود.
وحقيقة الجهاد في سبيل الله هي العمل على إعلاء كلمة الله في الأرض بكافة الوسائل المادية والمعنوية، وإقامة موازين العدل والأمن في المجتمعات البشرية.
لأن الأصل أن تحكم الأرض بشريعة الله، فإن دين الإسلام دين عالمي، وقد جاءت الرسالة المحمدية خاتمة للرسالات السابقة مشتملة عليها ومتممة لمكارم الأخلاق ومحاسن الفعال.
والصراع بين الحق والباطل لا ينتهي، ولا بد من مقاومة الشر والطغيان في مختلف العصور.
والجهاد مشروع حتى في الأمم السابقة، كما قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (?).
وحكم الجهاد الذي هو بمعنى الغزو والقتال في سبيل الله: أنه فرض كفاية، بمعنى أنه إذا قام به من المسلمين من يكفي سقط الإثم عن الباقين وإلا أثموا جميعا، ويتعين في مواضع ثلاثة كما نص على ذلك بعض فقهاء الإسلام (?):
1 - إذا التقى الزحفان وتقابل الجيشان حرم على من حضر المعركة الانصراف وتعين عليه القتال لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} (?)