ثالثهما (?)» ونهى القرآن عن إبداء زينتهن للرجال، وهذا كله حاصل متيسر منها في سفرها، فإنها تتزيا بزي نساء أهل تلك البلاد من التكشف وإبداء مفاتن جسمها غير مبالية بالحياء والستر، وإنما نهى رسول الله عن هذه الأشياء لكونها كالمقدمات لما بعدهما كما في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «العين تزنى وزناها النظر والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه (?)» فلا ينهى الشارع عن شيء إلا ومضرته واضحة ومفسدته راجحة، فأقل شيء تستبيح في سفرها هو النظر إلى الرجال الأغنياء ونظرهم إليها، وما من نظرة إلا للشيطان فيها مطمع، فهي في مبدئها نظرة، ثم تكون خطرة، ثم خطوة ثم خطيئة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتبع النظرة نظرة فإن الأولى لك والأخرى ليست لك (?)» وقد قيل: " كم نظرة أثارت فتنة وأورثت حسرة ".
إن الرجال الناظرين إلى النساء ... مثل السباع تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها ... أكلت بلا عوض ولا أثمان
فلا أدري ما حجة هذا الرجل الذي جعله الله راعيا على أهل بيته متى سئل عن سفر ابنته لبلدان أوربا، وهل يصدق عليه أنه قام بواجب رعايته في أمانة تربية ابنته، فحاط بحفظها وصيانتها حسب استطاعته، وفاء بصدق أمانته وحسن رعايته، أم ضيع ما استؤمن عليه وفرط في رعايته وقذف بابنته في هاوية الفتنة والافتتان بها وتركها تتصرف كيف شاءت بدون مراقب ولا وازع.
ومن ذا يثني الأصاغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا
إنه لا ينبغي لنا أن نحسن الظن بهؤلاء البنات في سفرهن إلى الخارج والحالة هذه، بل يجب أن نحسن العمل برعاية حمايتهن عن مراتع الفتن، فإن من وقع في الشبهات وقع في الحرام.
وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شرا وكن منها على حذر
وكذا يقال في الأئمة الذين جعلهم الله رعاة عل عباده بأنه يجب عليهم أن يغرسوا في نفوس رعاياهم التخلق بمحبة الفرائض والفضائل وحمايتهم عن منكرات الأخلاق والرذائل باستعمال الأسباب والوسائل " فإن الوقاية خير من العلاج