ويستفاد من كلام الحافظ ابن عبد الهادي أن العبرة ليست بكثرة الطرق وتعددها، ولكن العبرة بكونها محفوظة سالمة من العلل القادحة والوهم والخطأ، وعلى هذا فيتعين عند النظر في الطرق تمحيصها والتدقيق فيها، والتأكد من سلامتها من النكارة والعلل القادحة قبل الاعتداد بها والاستفادة منها في تقوية الأحاديث.
قال الإمام أحمد: " الحديث عن الضعفاء قد يحتاج إليه في وقت، والمنكر أبدا منكر " (?)، ومراد الإمام أحمد - والله وأعلم - أن المنكر لا يعتبر به، ولا يحتاج إليه في باب الاعتضاد وشد الطرق؛ لعدم صلاحيته لذلك، ولا يستأنس به في مجال الاستدلال، وقد عرف عن الإمام أحمد الأخذ بالحديث الضعيف إذا لم يوجد في الباب ما يدفعه، قال - رحمه الله -: " طريقتي: لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب ما يدفعه " (?).
وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: ربما كان الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إسناده شيء، فنأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه ".