له، فيهتدي لمعاقده، ويتنبه لفروقه؛ لكثرة نظره فيه، وإتقانه لأصوله ومآخذه، وتردده في ممارسته حتى تكون مباشرته عنده سهلة ميسرة، وذلك من أنفس ما يحصله المتدرب في كل فن، وهو من أنفس صفات متلقي الأحكام لتنزيلها على الوقائع في الفتيا والقضاء والتحقيق الجنائي وما يشابهها (?).
فالخبرة والتجربة أساس كل فن وسبب نجاح كل مهنة؛ لأن من تردد في شيء أعطي سره، ومما يدل على ذلك ويبين أهميته أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عزم على بعث علي - رضي الله عنه - إلى اليمن قاضيا احتج علي بأنه لا علم له بالقضاء، وهو يعني أنه لا خبرة ولا تجربة له فيه تعينه على القيام به، «فعن علي - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا، فقلت: يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء، قال فما زلت قاضيا - أو ما شككت في قضاء بعد- (?)»