والمصير إنها القدرة الإلهية التي تحكم سنن الكون والحياة فلا تند ولا تطغى (?) يقول الله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} (?) {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (?) {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} (?) {لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (?) إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تتحدث عن الإبداع والانضباط والتي اكتشف العلم شيئا منها فعاد مقرا بالعجز مسلما بالقدرة المهيمنة الشاملة. . .، وإذا كان الأمر هكذا بالنسبة للكون وسننه ونظامه بهذا الوضوح والدقة، فهل هو كذلك بالنسبة لسنن الله في الحياة الاجتماعية؟ نعم: فإن السنن الكونية وسنن الله في الحياة البشرية متعانقتان مطردتان لا تتخلفان ولا تتوقفان، والقرآن يكرر هذه الحقيقة بالنسبة للحياة البشرية حين يقول: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (?)، ويقول في آية أخرى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} (?).
ويؤكد هذه الحقيقة ويبينها في أعقاب كل جزاء يحل بقوم نتيجة ما قدمت أيديهم، يقول في قريش وما حل بهم يوم بدر: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (?) ويردف ذلك بأنها سنة عامة إذ يقول: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (?) {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (?) والسنن نوعان: سنن صالحة هادية إلى الحق وإلى طريق