كما حرص أبو بكر رضي الله عنه أن يقاوم أي انحراف فكري ولو لم يصل حد الردة، فحين رأى بعض الأعراب أن أداء الركن الثالث من أركان الإسلام (الزكاة) لا يلزمهم، عزم على ردهم للحق وقتالهم إن أبوا، وكان للصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأي آخر فناقش أبا بكر في ذلك قائلا لأبي بكر: علام تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (?)»؟ فقال أبو بكر: والله لو منعوني عناقا وفي رواية عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعها، إن الزكاة حق المال، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، قال عمر: فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبو بكر للقتال فعرفت أنه الحق) (?).
في عهد عمر رضي الله عنه: وقد سار الخليفة الثاني على منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه في الاهتمام بحماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري، وأسبابه، ومن صور عنايته بذلك قصته مع صبيغ بن عسل الذي كان يثير بعض الشبهات بأسئلته عن متشابه القرآن، إذ قدم المدينة وأخذ يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر فأعد له عراجين النخل فقال من أنت؟