الرأي الثاني: أن متلف الكلب المباح النفع يلزمه ضمانه بقيمته؛ بناء على ماليته، وجواز بيعه، فهو كغيره من الأموال المضمونة.
وهذا هو رأي أبي حنيفة ورواية عن مالك، وفي رواية ثالثة عن الإمام مالك أنه أوجب ضمانه بقيمته مع منع بيعه، وعلل إيجاب الضمان بأنه حيوان يصح الانتفاع به والوصية به، كالخيل والبغال، وأنه بهيمة يجوز الاصطياد به كالبازي، فصار مضمونا بالإتلاف ولو كان بيعه ممنوعا (?).
والذي يظهر لي بعد التأمل في الأقوال ترجيح الرأي الأول، بعدم وجوب ضمان الكلب بقيمته على من أتلفه. وإن وجب عليه التعزير لتعديه، ومما يدل على رجحان ذلك أن الحنفية القائلين بوجوب الضمان على متلفه لم يجرؤوا على إيجاب القطع على سارقه، وذلك لعدم الاتفاق على ماليته؛ قال المرغيناني: (ولا -أي ولا قطع- في سرقة كلب ولا فهد؛ لأن من جنسهما يوجد مباح مرغوب فيه، ولأن الاختلاف بين العلماء ظاهر في مالية الكلب، فأورث شبهة ... ) (?).
ثالثا: لو قال: له علي شيء، ثم فسره بكلب يحل اقتناؤه؛