فمضى صلى الله عليه وسلم في دعوته في مكة بضع عشرة سنة إلى أن دخل الإسلام في الأوس والخزرج؛ فأذن الله له بالهجرة إلى المدينة فصارت دار نصرة، ودار حماية، فعاش فيها عشر سنوات حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، وما قبضه إلا وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك.

ما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما، ولا خير إلا دلنا عليه، وأرشدنا لسلوكه، ولا شر إلا بينه لنا وحذرنا من سلوكه صلوات الله وسلامه عليه. أدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد، وأصلح الله به الأرض بعد فسادها، وجمع به القلوب بعد شتاتها، ووحد به الأمة بعد فرقتها، وأعزها الله به بعد ذلها، ورفعها به بعد استكانتها وإهانتها؛ فنالت أمته العز والشرف في الدنيا والآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015