{يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (?)، وبعد:
فإن الله - جل وعلا - خلق الخلق لعبادته، خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا، خلقهم لهذه المهمة العظيمة وهذا الشأن الكبير، خلق أبانا آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وأسكنه الجنة، ثم لما عصى بأكل الشجرة أهبطه للأرض؛ ليعمرها بتوحيد الله وطاعته، فمضى على آدم وعلى ذريته قرون عديدة وهم على توحيد الله؛ على الفطرة المستقيمة، على الدين الخالص، حتى دب إليهم الشرك بوساوس عدو الله إبليس الذي سعى في إضلال بني آدم وإخراجهم عن فطرتهم، بتزيين الكفر والضلال لهم؛ فوقع الشرك في قوم نوح فبعث الله نوحا - عليه السلام - يدعو إلى الله وإلى توحيده. {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (?) تتابعت الرسل، كلما مضى رسول بعث الله رسولا آخر؛ ليقيم الدين لله {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} (?)؛ فأقام الله حجته على العباد بإرسال الرسل: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (?)، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (?).