أن وقت السحر هو أطيب أوقات النوم، وعند ذلك تكون العبادة أشق، والنية خالصة، والرغبة في التوجه إلى الله وافرة، فيكون الدعاء في هذا الوقت أقرب للإجابة، والذكر والاستغفار أعظم ثوابا.
ويكون سبحانه في هذا الوقت من الليل قريبا من عباده، كما دل عليه الحديث الصحيح: «إذا مضى شطر الليل، أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يعطى، هل من داع يستجاب له، هل من مستغفر يغفر له، حتى ينفجر الصبح (?)».
فالاستغفار في هذه الفترة الزمنية الفاضلة منة من الله سبحانه وتعالى، لا يفقهها إلا من ذاقها، وشعر بها في خلجات نفسه، فالتقت روحه مع خالق السماوات والأرض.
"والاستغفار بالأسحار بعد هذا كله يلقي ظلالا رفافة ندية عميقة، ولفظة (الأسحار) بذاتها ترسم ظلال هذه الفترة من الليل قبيل الفجر، الفترة التي يصفو فيها الجو ويرق ويسكن، وتترقرق فيها خواطر النفس وخوالجها الحبيسة، فإذا انضمت إليها صورة الاستغفار، ألقت تلك الظلال المنسابة في عالم النفس وفي ضمير الوجود سواء، وتلاقت روح الإنسان وروح الكون في الاتجاه لبارئ