أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع. فهو أجل من أن تكون ذكراه سنوية فقط. ولو كانت هذه الاحتفالات خيرا محضا أو راجحا لكان السلف الصالح رضي الله عنهم أحي بها منا. فإنهم كانوا أشد منا محبة وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم على الخير أحرص. ولكن قد لا يتجاوز أمر أصحاب هذه الموالد ما ذكره بعض أهل العلم: من أن الناس إذا اعترتهم عوامل الضعف والتخاذل والوهن راحوا يعظمون أئمتهم بالاحتفالات الدورية دون ترسم مسالكهم المستقيمة؛ لأن تعظيمهم هذا لا مشقة فيه على النفس الضعيفة.
ولا شك أن التعظيم الحقيقي هو طاعة المعظم والنصح له والقيام بالأعمال التي يقوم بها أمره ويعتز بها دينه: إن كان رسولا، وملكا إن كان ملكا. وقد كان السلف الصالح أشد ممن بعدهم تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم ثم للخلفاء الراشدين من بعده، وناهيك ببذل أموالهم وأنفسهم في هذا السبيل، إلا أن تعظيمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين لم يكن كتعظيم أهل هذه القرون المتأخرة ممن ضاعت منهم طريقة السلف الصالح في الاهتداء والاقتداء، وسلكوا طريق الغواية والضلال في مظاهر التعظيم الأجوف. ولا ريب أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بكل تعظيم يناسبهم، إلا أنه ليس من تعظيمه أن نبتدع في دينه