وعن طريقه المستقيم، ونبينا قد قال لنا: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله (?)» الحديث، أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب، وأخرجه مسلم من وجه آخر ولفظه «وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب الله (?)» الحديث، لكن لما فرطت الأمة في هذا الاعتصام بكتاب الله وبدا الضعف، حصلت تلك المبادئ والبدع والآراء المتباينة الضالة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن خير الناس قرنه، ثم الذين يلونه، ثم الذين يلونه، فما مضى القرن الثالث إلا وقد لوث العالم الإسلامي ببدع وأفكار غريبة، وآراء باطلة هدامة، دبت إليها من أفكار غير المسلمين، ومن تراث اليونان وغيرهم من فلاسفة وغيرهم.
وما زال هذا الباطل ينمو حتى حورب أصل الإسلام، وشيد البناء على القبور، وطيف بها كما يطاف بالبيت العتيق، وحصل على الإسلام من النكبات والآلام ما الله به عليم، وتتابعت الفتن والمحن على هذه الأمة، ولكن مع كثرة الفتن والمحن فالشرع لا يزال قائما؛ لأن الله ضمن لهذا الدين البقاء، القرآن لا يزال محفوظا، والسنة لا تزال محفوظة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (?)، وفي كل قرن يهيئ الله لهذه الأمة من يجدد لها معالم دينها، ومن يردها إلى الصواب ومن يهديها إلى الطريق المستقيم.