وقصته ناقته: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا (?)» أخرجه مسلم وغيره. وفي البخاري: «ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي (?)» فقوله - صلى الله عليه وسلم - «اغسلوه بماء وسدر (?)» أمر صريح، والأصل في الأمر أنه يقتضي الوجوب، فدل على أن غسل الميت واجب.
وكذلك قوله في قصة غسل إحدى بناته - صلى الله عليه وسلم - «اغسلنها ثلاثا أو خمسا (?)» فيه الأمر بالغسل، وأما السنة الفعلية، فإن غسل الميت من السنة الماضية من لدن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، لا نعلم أحدا من المسلمين تركها بلا عذر من احتراق الجثة ونحو ذلك.
وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من الأئمة المحققين، كالإمام النووي في المجموع شرح المهذب، والكاساني في بدائع الصانع، وغيرهما من العلماء. وهذا أمر ظاهر لا يحتاج إلى كثير عناء في بيان وجوبه.
أما ما ذكر عن ابن رشد من قوله أن سبب الخلاف - المذكور في مذهب المالكية - هو أن غسل الميت إنما ثبت بالسنة الفعليه دون القولية. فهذا أمر مردود بما تقدم، ومعلوم أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ثبت بالسنة القولية الصريحة، والفعل الذي تتابع عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -