كالشفاعة عند البشر، فالشفاعة عند البشر قد تحصل بدون إذن المشفوع إليه، أو بدون رضاه عن المشفوع له لسبب من الأسباب، بخلاف الشفاعة عند الله تعالى: فلا تحصل إلا بعد إذنه عز وجل للشافع ورضاه عن المشفوع له، فليس حصول الشفاعة عند الله تعالى: أمر مطلق لازم، وإنما هو مقيد بشروط لا تتحقق عند هؤلاء، وأن الله سبحانه وتعالى: قد نفى الشفاعة الشركية التي يتعلق بها أولئك المشركون ومن وافقهم، وأبطل هذه الشفاعة في مواضع كثيرة من كتابه، ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (?). وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} (?) وقول الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (?).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن ساق الآيات وأمثالها: " فهذه الشفاعة التي أثبتها المشركون للملائكة والأنبياء والصالحين، حتى صوروا تماثيلهم وقالوا: استشفاعنا بتماثيلهم استشفاع بهم، وكذلك قصدوا قبورهم وقالوا: نحن نستشفع بهم بعد مماتهم ليشفعوا لنا إلى الله، وصوروا تماثيلهم فعبدوهم كذلك، وهذه الشفاعة أبطلها الله