هذا من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة (?)». ومما يشرع في هذا الشهر الكريم من العبادات الاعتكاف.
والاعتكاف في اللغة: من العكوف، وهو بمعنى الإقامة على الشيء، ولزومه.
وفي الشرع: التعبد لله عز وجل، بلزوم بيت من ييوت الله، من شخص مخصوص، على صفة مخصوصة.
وهو مشروع في المساجد كلها لعموم قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (?) ولا حد لأكثره باتفاق. واختلفوا في أقله، فمن قائل أقله يوم وليلة، ومن قائل بل يوم أو ليلة، ومن قائل بل ساعة، ومنهم من قال بل يكفي المرور بنية الاعتكاف. ومنهم من اشترط الصوم للاعتكاف، والصحيح عدم اشتراطه؛ لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك فاعتكف