بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فختم به الرسل، وهدى به من الضلال، وعلم به من الجهالة، وفتح برسالته أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، فأشرقت الأرض بعد ظلماتها، وتألفت بها القلوب بعد شتاتها، فأقام به الملة العوجاء وأوضح بها المحجة البيضاء، رفع الله به الآصار والأغلال وجعل رسالته عامة للإنس والجان، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} (?)، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (?).
أرسله الله على حين فترة من الرسل ودروس من الكتب حين حرف الكلم وبدلت الشرائع واستند كل قوم إلى أظلم آرائهم وحكموا على الله وبين عباد الله بمقالاتهم الفاسدة وأهوائهم، فهدى الله به الخلائق، وأوضح به الطريق، وأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وأبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفرق به ما بين الأبرار والفجار، وجعل الهدى والفلاح في اتباعه وموافقته، والضلال والشقاء في معصيته ومخالفته، رؤوف رحيم بالمؤمنين حريص على هداية الخلق أجمعين عزيز عليه عنادهم وتعنتهم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (?). خلاصة