وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين (?)»، وفي لفظ آخر: «من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه». فأرسل الله الرسل إقامة للحجة على عباده وإعذارا لهم. وهذه الرسالات من نعم الله على خلقه أجمعين؛ إذ حاجة العباد إليها فوق كل حاجة، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، فهم في حاجة إلى الرسالة أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب والدواء، إذ قصارى نقص ذلك أو عدمه تلف الأبدان، أما الرسالة ففيها حياة القلوب والأديان، بل والرسالة ضرورية في إصلاح العبد في معاشه ومعاده، فكما أنه لا صلاح له في آخرته إلا باتباع الرسالة، فكذلك لا صلاح له في معاشه ودنياه إلا باتباع الرسالة، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (?)، أرسل الله الرسل وجعلهم بشرا من أقوام المرسل إليهم وبلسانهم ليبينوا لهم الدين الحق: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (?). وكل أمة بعث فيها رسول، قال عز وجل: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} (?).