ونقول (ثانيا): إذا فرضنا أن موافقة بعض أهل القرن الثاني لهذا الإنجيل في روح معناه يعد شهادة له بأنه كان موجودا في منتصف القرن الثاني، فأين الشهادة التي تثبت أنه كان موجودا في القرن الأول والصدر الأول مما بعده؟
ثم تبين لنا من تلقاه عنه حتى وصل إلى أولئك الذين اقتطفوا من روحه.
بعد كتابة ما تقدم راجعت (إظهار الحق) فرأيته استدل على أن إنجيل يوحنا ليس من تصنيف يوحنا الذي هو أحد تلاميذ المسيح بعدة أمور. (منها): أسلوبه الذي يدل على أن الكاتب لم يكتب ما شاهده وعاينه بل ينقل عن غيره. (ومنها): آخر فقرة منه وهو ما أوردناه في الاستدلال على أنه لم يكتب عن أحوال المسيح وأقواله إلا القليل، فإنه ذكر فيها يوحنا بضمير الغائب وأنه كتب وشهد بذلك. فالذي ينقل هذا عنه لا بد أن يكون غيره، وقصاراه أنه ظفر بشيء مما كتبه فحكاه عنه ونقله في ضمن إنجيله، ولكن أين الأصل الذي ادعى أن يوحنا كتبه وشهد به؟ وكيف نثق بنقله عنه ونحن لا نعرفه، ورواية المجهول عند محدثي المسلمين وجميع العقلاء لا يعتد بها البتة. (ومنها): أنهم نقلوا أن الناس أنكروا كون هذا الإنجيل ليوحنا في القرن الثاني على عهد (أرينيوس) تلميذ (بوليكارب) الذي هو تلميذ يوحنا، ولم يرد عليهم أرينيوس بأنه سمع من بوليكارب أن أستاذه يوحنا هو الكاتب له. (ومنها): نقله عن بعض كتبهم ما نصه: كتب استادلن في كتابه: إن كافة إنجيل يوحنا تصنيف طالب من طلبة مدرسة الإسكندرية بلا ريب. (ومنها): أن المحقق