وإنما يعلم ذلك برائحته.
(فصل) والكلام في ذلك يتعلق بثلاثة أمور: الأول: فيمن يجب استنكاهه. الثاني: فيمن يثبت ذلك بشهادته. الثالث: فيما يجب بذلك إذا تيقن رائحة المسكر أو أشكلت.
(الأول) فيمن يجب استنكاهه، وذلك فيمن يرى الحاكم منه تخليطا في قول أو مشي يشبه السكران: ففي الموازية من رواية أصبغ عن ابن القاسم أنه إذا رأى ذلك منه أمر باستنكاهه؛ قال: لأنه قد بلغ إلى الحاكم فلا يسعه إلا تحققه، فإذا ثبت الحد حد أمامه: (مسألة) وكذلك لو شم منه رائحة ينكرها أو أنكرها بحضرته من ينكرها، قال الباجي: فعندي أنه قد تعين عليه استنكاهه وتحقق حاله؛ لأن هذه صفة ينكر بها حاله ويستراب بها ويقوى بها الظن في وجوب الحد عليه، فيجب بذلك اختباره وتحقق حاله، كالتخليط في الكلام والمشي. (مسألة) فإن لم يظهر منه شيء من هذه الأحوال - يريد التخليط في القول والمشي - لم يستنكه، رواه أصبغ عن ابن القاسم في العتبية والموازية، قال: ولا يتجسس عليه. ووجه ذلك إن لم ير منه ريبة ولا خروجا عن أحوال الناس المعتادة فلا يجوز التجسس على الناس والتعرض لهم من غير ريبة.
(الثاني) فيمن يثبت ذلك بشهادته: قال القاضي أبو الوليد: فأما من يثبت ذلك عليه بشهادته فإنه يحتاج إلى معرفة صفتهم وعددهم. فأما صفتهم فقد قال القاضي أبو الحسن في كتابه: إن صفة الشاهدين على الرائحة أن يكونا ممن خبر شربها في وقت ما، إما في حال كفرهما أو شرباها في إسلامهما فجلدا ثم تابا حتى يكونا ممن