الداناج لا يقبل؛ لأن الجرح بعد ثبوت التعديل لا يقبل إلا مفسرا، ومخالفة الراوي غيره في بعض ألفاظ الحديث لا تقتضي تضعيفه ولا سيما مع ظهور الجمع. قلت: وثق الداناج المذكور: أبو زرعة والنسائي، وقد ثبت عن علي في هذه القصة من وجه آخر أنه جلد الوليد أربعين، ثم ساقه من طريق هشام بن يوسف عن معمر وقال: أخرجه البخاري، وهو كما قال، وقد تقدم في مناقب عثمان، وأن بعض الرواة قال فيه: إنه جلد ثمانين، وذكرت ما قيل في ذلك هناك، وطعن الطحاوي ومن تبعه في رواية أبي ساسان أيضا بأن عليا قال: " وهذا أحب إلي " أي جلد أربعين، مع أن عليا جلد النجاشي الشاعر في خلافته ثمانين، وبأن ابن أبي شيبة أخرج من وجه آخر عن علي أن حد النبيذ ثمانون.
والجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما: أنه لا تصح أسانيد شيء من ذلك عن علي.
والثاني: على تقدير ثبوته فإنه يجوز أن ذلك يختلف بحال الشارب، وأن حد الخمر لا ينقص عن الأربعين ولا يزاد على الثمانين، والحجة إنما هي في جزمه بأنه صلى الله عليه وسلم جلد أربعين. وقد جمع الطحاوي بينهما بما أخرجه هو والطبري من طريق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أن عليا جلد الوليد بسوط له طرفان، وأخرجه الطحاوي أيضا من طريق عروة مثله، لكن قال: " له ذنبان، أربعين جلدة في الخمر في زمن عثمان ". قال الطحاوي: ففي هذا الحديث أن عليا جلده ثمانين؛ لأن كل سوط سوطان. وتعقب بأن السند الأول منقطع؛ فإن أبا جعفر ولد بعد موت علي بأكثر من عشرين