إن الحديث عن كتابة المصحف بغير الرسم العثماني قديم فقد بحثه أئمة السلف قبل أكثر من ألف سنة وألف فيه علماء القراءة والرسم كتبا وحكموا فيه بما ظهر لهم من الكراهة أو التحريم، وقد جمع الجلال السيوطي نقولا عنهم في الموضوع يتبين منها ما حكموا به في ذلك فرأينا إثباتها فيما يلي:
قال الجلال السيوطي: (فصل) القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء به والوقوف عليه وما مهد له النحاة أصولا وقواعد، وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام، وقال أشهب سئل مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟
فقال: لا. إلا على الكتبة الأولى. رواه الداني في المقنع ثم قال ولا مخالف له من علماء الأمة.
وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك قال لا قال أبو عمرو يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو أولو.
وقال الإمام أحمد يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك.
وقال البيهقي في شعب الإيمان من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه ولا يغير مما كتبوا شيئا فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم.
قلت وينحصر أمر الرسم في ست قواعد الحذف والزيادة والهمز والبدل والوصل والفصل وما فيه قراءتان فكتب على إحداهما.