يمتحن الله سبحانه إيمان ابن آدم بمواقف يبرز من ورائها المحك الذي يتضح به النقاوة أو الكدر، وليتميز الخبيث من الطيب، بحسب الحال في النفس، وفي الزمان والمكان، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، لما أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، كانت للروم الذين امتد نفوذ سلطانهم ذلك الوقت إلى ديار الشام في نفوس العرب مهابة لكثرتهم وقوتهم، إلى جانب ما الناس فيه من عسرة وشدة، وجدب في البلاد، والوقت صيفا بحرارته اللافحة. وهذه أمور ترهبها بعض النفوس، وتسعى جاهدة في تحاشيها إلى جانب المنافقين المندسين في صفوف أهل المدينة، يساعدهم يهود المدينة في عداوة مضمرة وظاهرة ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته جاهدين في النكاية والإضرار.
أما ما يرغب فيه ويدعو إلى الدعة والركون إلى ملذات الدنيا: فإن الثمار قد طابت، والبساتين قد أينعت ثمارها، والناس يحبون الإقامة في ثمارهم وظلالهم، ولا يرغبون البعد عنها.
فكان أهل النفاق الذين آمنت ألسنتهم، وكذبت قلوبهم، يعتذر بعضهم ويرجف آخرون، ويساعدهم في التثبيط بعض اليهود حتى تخلف من تخلف إيهانا للعزائم، ورغبة في الإضرار بالنبي صلى الله عليه وسلم، والصفوة المختارة معه.
كما بان لنا في اجتماع ترأسه سويلم اليهودي في بيته، حاكوا فيه الخطط للتثبيط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في