قد قرأه البر والفاجر. رواه ابن مردويه وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد يعني بالحكمة الإصابة في القول، وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} (?) ليست بالنبوة ولكنه العلم والفقه والقرآن، وقال أبو العاليه: الحكمة خشية الله فإن خشية الله رأس كل حكمة، وقد روى ابن مردويه من طريق بقية عن عثمان بن زفر الجهني عن أبي عمار الأسدي عن ابن مسعود مرفوعا «رأس الحكمة مخافة الله» وقال أبو العالية في رواية عنه الحكمة الكتاب والفهم، وقال إبراهيم النخعي: الحكمة الفهم، وقال أبو مالك: الحكمة السنة، وقال وهب عن مالك قال زيد بن أسلم: الحكمة العقل، قال مالك: (إنه ليقع في قلبي أن الحكمة هي الفقه في دين الله وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله، ومما يبين ذلك أنك تجد الرجل عاقلا في أمر الدنيا إذا نظر فيها وتجد آخر ضعيفا في أمر دنياه عالما بأمر دينه بصيرا به يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا فالحكمة الفقه في دين الله) اهـ. . . ولكي ندرك أهمية الفقه في دين الله وأنه نور لحامله والعامل به في الدنيا والآخرة ولكي ندرك أهميته وجدواه نجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (?)» متفق عليه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة أخرى منها إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (?)» رواه البخاري ومسلم. . ويقول - صلى الله عليه وسلم - «لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها (?)» رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه من طرق متعددة عن إسماعيل بن أبي خالد به.

ولقد برز حبر الأمة وترجمان القرآن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - في معرفة الدين فقها وتفسيرا، وتوسع بعلوم الشريعة ووعاها ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل (?)» إنها دعوة مباركة من رجل مبارك تقبلها الله من نبيه، ونعمة أنعم الله بها على ابن عباس - رضي الله عنه وأرضاه - وبرز في عهده وبعده أئمة أفذاذ في أصول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015