ذلك في كتاب أصول الفقه والمصطلح والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم لأنه رسول الله إلى الجميع ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته حتى تقوم الساعة ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها ولم يعرفوا تفاصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله به من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (?) وقوله تعالى في سورة النساء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} (?).
وقال تعالى في سورة النساء أيضا {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (?) وكيف تمكن طاعته ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله إذا كانت سنته لا يحتج بها أو كانت كلها غير محفوظة وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له وهذا من أبطل الباطل ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن، وقال عز وجل في سورة النحل {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?). وقال فيها أيضا آية {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (?). فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - تبيين المنزل إليهم وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور آية {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (?).
وقال تعالى في السورة نفسها {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (?).
وقال في سورة الأعراف آية (158) {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (?) وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته أو القول بأنه لا صحة لها أو لا يعتمد عليها،