خرجه مسلم في صحيحه «ولما بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بايعهم أن لا ينازعوا الأمر أهله وقال: " إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (?)» وهذه الدولة بحمد الله لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها وإنما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالذنوب ويقاتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان وقد قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية (?)»، قال: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة (?)» متفق عليه. والأحاديث في شأنهم كثيرة معلومة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإن من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية (?)» وقال عليه الصلاة والسلام في حديث الأشعري ": «وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن الجهاد. والسمع والطاعة. والهجرة. والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع (?)»
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد صدر من علماء المملكة فتوى في هذه الحادثة والقائمين بها وأنا من جملتهم وقد نشرت في الصحف المحلية وأذيعت بواسطة الإذاعة المرئية والمسموعة وفيها الكفاية إن شاء الله والاقتناع لطالب الحق وإنما أردت بكلمتي هذه مزيد الإيضاح والبيان لخطأ هذه الطائفة وظلمها وعدوانها فيما فعلت وغلطها فيمن زعمت أنه المهدي أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية كما زعم ذلك بعض المتأخرين فهو قول باطل لأن أحاديث خروجه في آخر الزمان وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا قد تواترت تواترا معنويا وكثرت جدا واستفاضت كما صرح بذلك جماعة العلماء بينهم أبو الحسن الآبري السجستاني من علماء القرن الرابع والعلامة السفاريني والعلامة الشوكاني وغيرهم وهو كالإجماع من أهل العلم، ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانا هو المهدي إلا بعد توافر العلامات التي بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الثابتة وأعظمها وأوضحها كونه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما كما سبق بيان ذلك. ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين وأن يوفق ولاة أمرهم للحكم بشريعته والتحاكم إليها والحذر من كل ما خالفها وأن يحسن العاقبة للمسلمين إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز