الأزرقي حكى في (كتاب مكة) أن تبعا أري في المنام أن يكسو الكعبة فكساها الأنطاع، ثم أري أن يكسوها، فكساها الوصائل، وهي ثياب حبرة من عصب اليمن، ثم كساها الناس بعده في الجاهلية. ويجمع بين الأقوال الثلاثة إن كانت ثابتة بأن إسماعيل أول من كساها مطلقا، وأما تبع فأولى من كساها ما ذكر، وأما عدنان فلعله أول من كساها بعد إسماعيل. وسيأتي في أول غزوة الفتح ما يشعر أنها كانت تكسى في رمضان.
وحصلنا في أول من كساها الديباج على ستة أقوال:
خالد، أو نتيلة، أو معاوية، أو يزيد، أو ابن الزبير، أو الحجاج، ويجمع بينها بأن كسوة خالد ونتيلة لم تشملها كلها، وإنما كان فيما كساها شيء من الديباج، وأما معاوية فلعله كساها في آخر خلافته، فصادف ذلك خلافة ابنه يزيد، وأما ابن الزبير فكأنه كساها ذلك بعد تجديد عمارتها، فأوليته بذلك الاعتبار، لكن لم يداوم على كسوتها الديباج، فلما كساها الحجاج بأمر عبد الملك استمر ذلك، فكأنه أول من داوم على كسوتها الديباج في كل سنة.
وقول ابن جريج أول من كساها ذلك عبد الملك يوافق القول الأخير، فإن الحجاج إنما كساها بأمر عبد الملك.
وقول ابن إسحاق أن أبا بكر وعمر لم يكسيا الكعبة فيه نظر. لما تقدم عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن عمر كان ينزعها كل سنة. لكن يعارض ذلك ما حكاه الفاكهي، عن بعض المكيين أن شيبة بن عثمان أستأذن معاوية في تجريد الكعبة فأذن له، فكان أول من جردها من الخلفاء، وكانت كسوتها قبل ذلك تطرح عليها شيئا