الرابع: وسيلة موضوعة للمباح، وقد تفضي إلى المفسدة، ومصلحتها أرجح من مفسدتها.
فمثال القسم الأول والثاني قد تقدم. ومثال الثالث: الصلاة في أوقات النهي، ومسبة آلهة المشركين بين ظهرانيهم، وتزين المتوفى عنها في زمن عدتها، وأمثال ذلك. ومثال الرابع: النظر إلى المخطوبة والمستامة والمشهود عليها ومن يطؤها (?) ويعاملها، وفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وكلمة الحق عند ذي سلطان جائر، ونحو ذلك. فالشريعة جاءت بإباحة هذا القسم أو استحبابه أو إيجابه بحسب درجاته في المصلحة. وجاءت بالمنع من القسم الأول كراهة أو تحريما بحسب درجاته في المفسدة.
بقي النظر في القسمين الوسط: هل هما مما جاءت الشريعة بإباحتهما أو المنع منهما فنقول:
الدلالة على المنع من وجوه:
الوجه الأول: قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (?). فحرم الله تعالى سب آلهة المشركين - مع كون السب غيظا وحمية لله وإهانة لآلهتهم - لكونه ذريعة إلى سبهم الله تعالى. وكانت مصلحة ترك مسبته تعالى أرجح من مصلحة سبنا لآلهتهم، وهذا كالتنبيه بل كالتصريح على المنع من الجائز؛ لئلا يكون سببا في فعل ما لا يجوز.