لئلا تفضي إباحته مقاربتها بوجه من الوجوه، لا لإتلافها على شاربها.
ثم إنه قد نهى عن الخليطين، وعن شرب النبيذ بعد ثلاث، وعن الانتباذ في الأوعية التي لا نعلم بتخمير النبيذ فيها؛ حسما لمادة ذلك، وإن كان في بقاء بعض هذه الأحكام خلاف. وبين - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما نهى عن بعض ذلك؛ لئلا يتخذ ذريعة، فقال: «لو رخصت لكم في هذه لأوشك أن تجعلوها مثل هذه (?)». يعني - صلى الله عليه وسلم - أن النفوس لا تقف عند الحد المباح في مثل هذا.
(الخامس) أنه حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية والسفر بها ولو في مصلحة دينية؛ حسما لمادة ما يحاذر من تغير الطباع وشبه الغير.
(السادس) أنه نهى عن بناء المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، ونهى عن تكبير القبور وتشريفها، وأمر بتسويتها، ونهى عن الصلاة إليها وعندها، وعن إيقاد المصابيح عليها؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثانا. وحرم ذلك على من قصد هذا ومن لم يقصده بل قصد خلافه؛ سدا للذريعة.
(السابع) أنه نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها، وكان من حكمة ذلك أنها وقت سجود الكفار للشمس، ففي ذلك تشبه بهم، ومشابهة الشيء لغيره ذريعة إلى أن يعطى بعض أحكامه، فقد يفضي ذلك إلى السجود للشمس، أو أخذ أحوال بعض عابديها.
(الثامن) أنه نهى - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه بأهل الكتاب، في أحاديث كثيرة، مثل قوله: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم (?)»،