وعليه ألف وله عروض بألف: إن كانت العروض للتجارة زكاها، وإن كانت لغير التجارة فليس عليه شيء. وهذا مذهب أبي حنيفة، ويحكى عن الليث بن سعد؛ لأن الدين يقضى من جنسه عند التشاح، فجعل الدين في مقابلته أولى، كما لو كان النصابان زكويين. ويحتمل أن يحمل كلام أحمد هاهنا على ما إذا كان العرض تتعلق به حاجته الأصلية، ولم يكن فاضلا عن حاجته فلا يلازمه صرفه في وفاء الدين؛ لأن الحاجة أهم، ولذلك لم تجب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال، ويكون قول القاضي محمولا على من كان العرض فاضلا عن حاجته وهذا أحسن؛ لأنه في هذه الحال مالك لنصاب فاضل عن حاجته، وقضاء دينه، فلزمته زكاته كما لو لم يكن عليه دين. فأما إن كان عنده نصابان زكويان وعليه دين من غير جنسهما ولا يقضى من أحدهما فإنك تجعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته.
(فصل) فأما دين الله كالكفارة والنذر ففيه وجهان: أحدهما: يمنع الزكاة كدين الآدمي؛ لأنه دين يجب قضاؤه، فهو كدين الآدمي، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «دين الله أحق أن يقضى (?)». والآخر: لا يمنع؛ لأن الزكاة آكد منه لتعلقها بالعين، فهو كأرش الجناية، ويفارق دين الآدمي لتأكده وتوجه المطالبة به. فإن نذر الصدقة بمعين فقال لله علي أن أتصدق بهذه المائتي درهم إذا حال الحول. فقال ابن عقيل: يخرجها في النذر ولا زكاة عليه؛ لأن النذر آكد لتعلقه بالعين، والزكاة مختلف فيها، ويحتمل أن تلزمه زكاتها، وتجزئه الصدقة بها، إلا أن ينوي الزكاة