قليلا. إن التوحيد الخالص يحفظ الإنسان من الانفلات بلا قيد أو حاجز.
إن توحيد الله وإفراده بالعبادة هو العبودية التامة له وحده سبحانه تحقيقا لكلمة الحق لا إله إلا الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تحقيقا لها في لفظها ومعناها، والعمل بمقتضاها، يقيم المسلم عليها حياته كلها، صلاته ونسكه، محياه ومماته، توحيد في الاعتقاد، وتوحيد في العبادة، وتوحيد في التشريع، توحيد تنقى به القلوب والضمائر من الاعتقاد في الألوهية لأحد غير الله، وتنقى به الجوارح والشعائر من أن تصرف لأحد غير الله، وتنقى به الأحكام والشرائع من أن تتلقاها من أحد دون الله عز وجل.
التوحيد هو عماد الدين، وجوهر العقيدة، وأول الدين وآخره، وظاهره وباطنه، قامت عليه الأدلة، ونادت عليه الشواهد، وأوضحته، الآيات، وأثبتته البراهين، نصبت عليه القبلة، وأسست عليه الملة، ووجبت به الذمة، وعصمت به الأنفس، وحقنت به الدماء، وامتازت به دار الإيمان عن دار الكفرة وانقسم به الناس إلى مؤمن وكافر، وسعيد وشقي.
ولقد كانت عناية القرآن بتوحيد الله عظيمة؛ فهو القضية الكبرى، قضية العقيدة التي هي قوام الدين كله إنها قوام حياة الضمير، وقوام حياة الأسرة بأجيالها المتتابعة، وقوام حياة الإنسانية.