متأرجحة بلا ضابط؛ لأن بالعقيدة الحقة يتطهر المجتمع من الظلم الاجتماعي بجملته، وقد قام النظام الإسلامي بعدل لا يعرف الظلم، وبميزان قسط لا يعرف الجور، ورفع راية الإسلام، وطهر النفوس، وزكى الأخلاق، ونقى القلوب والأرواح؛ لأن الرقابة قامت على رسوخ العقيدة، وقوة الإيمان، ولأن الطمع في رضى الله وثوابه، والخوف من غضبه وعقابه قد قامت كلها مقام الرقابة.
فنظام هذا الدين يتناول الحياة كلها، ويتولى شئون البشرية كبيرها وصغيرها، وينظم حياة الإنسان لا في هذه الحياة وحدها، ولكن كذلك في الدار الآخرة، وقد عالج القرآن المكي قضية العقيدة في خلال الثلاثة عشر عاما.
إن القرآن الكريم يخاطب فطرة الإنسان بما في وجوده هو، وبما في الوجود من حوله من دلائل وإيحاءات.
إن بني الإنسان حين يضلون عن سبيل الله يتخبطون في الضلالات، ويتسكعون في الظلمات، ويغرقون في ألوان الشرك، وأوضار الجاهلية: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (?) {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (?) البشر عقولهم قاصرة، قاصرة عن أن تدرك طريق الصلاح بمفردها، أن تستبين سبيل الرشاد بذاتها، إنها لا تستطيع أن تجلب لنفسها نفعا، أو تدفع ضررا.