قال: من قبل أنه شرط أن يرد نصيب من مات منهم ولم يدع وارثا من ولد، ولا ولد ولد، ولا إخوة، ولا أخوات، ولا غيرهم، إلى فقراء قرابته والمساكين، فلما مات هذا وترك عصبة لم يكن لفقراء قرابته والمساكين من نصيبه شيء؛ لأن نصيبه إنما يكون لفقراء قرابته إذا لم يدع وارثا من ولد، ولا ولد ولد، ولا إخوة ولا أخوات، ولا غيرهم، وقد وجدنا هذا الميت ترك وارثا وهو عصبة؛ فلذلك لم يكن لفقراء قرابته شيء من نصيبه.
قلت: فلم جعلت ذلك للمساكين؟ قال: من قبل أن أصل الوقف إنما يطلب به ما عند الله تعالى، وأصله للمساكين، فإن كان الواقف شرط أن يقدم من قد سماه في أول الوقف قد قال: هذا ما تصدق به فلان بن فلان تصدق بجميع ضيعته الكذا صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا، فهذا إنما هو للمساكين، ولكن اشتراطه أن تجري الغلة على فلان وفلان وفلانة وفلانة على ما سمي بعد هؤلاء، ثم جعل آخر ذلك للمساكين، فقد جعل أول الوقف وآخره للمساكين، وكلما بطل منهم واحد رجع نصيبه من ذلك إلى المساكين، ألا ترى أن رجلا لو قال: قد جعلت أرضي هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا على فلان بن فلان وفلان بن فلان ومن بعدهما على المساكين، فمن مات منهما ولم يترك ولدا كان نصيبه من ذلك للباقي منهما، فمات أحدهما وترك ولدا، قال: يرجع نصيبه إلى المساكين ولا يكون ذلك للباقي منهما من قبل أن الواقف إنما اشترط أن يرجع نصيب الذي يموت منهما إلى الباقي إذا لم يترك الميت وارثا فهذا قد ترك وارثا وهو ولده،