مذهب أهل الظاهر، ونفاة القياس، وابن عقيل من الحنابلة حيث إنه يرى العلة فيهما ضعيفة لا يقاس عليها. فلا ربا عند هؤلاء في الفلوس ولا في الأوراق النقدية، ولا في غيرهما مما يعد نقدا. والأمر في تحريم الربا فيهما عندهم أمر تعبدي.

وغير أهل الظاهر ومن قال بقولهم فهموا للتحريم حكمة تتفق مع مراعاة الشريعة تحقيق العدل والرحمة والمصلحة بين العباد في الأحكام، وتتفق مع ما لهذه الشريعة من شمول واستقصاء، فاعتبروا النص على جريان الربا بنوعيه في الذهب والفضة من قبيل التمثيل بهما؛ لما ينتج التعامل به في حال التفاضل، أو الإنظار المستلزم الغالب التفاضل من الفساد والظلم والقسوة بين العباد؛ فاستخرجوا مناطا تنضبط به قاعدة ما يجري فيه الربا، إلا أنهم اختلفوا في تخريج المناط. فذهب بعضهم إلى أن علة الربا في النقدين الوزن؛ فطردوا القاعدة في جريان الربا في كل ما يوزن، كالحديد والنحاس والرصاص والصفر والذهب والفضة والصوف والقطن والكتان وغيرها. وهذا هو المشهور عن الإمام أحمد، وهو قول النخعي والزهري والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي، وقد اختلفوا فيما أخرجته الصناعة عن الوزن ما لم يكن ذهبا أو فضة، كاللجم والإبر والأسطال والقدور والسكاكين والألبسة من قطن أو حرير أو كتان، وكالفلوس؛ فذهب جمهورهم إلى عدم جريان الربا فيها. وذهب بعض العلماء إلى أن علة الربا في الذهب والفضة غلبة الثمنية. وهذا الرأي هو المشهور عن الإمامين مالك والشافعي، فالعلة عندهما في الذهب والفضة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015