وأما من بعد هذين العصرين فمذاهبهم معروفة مشهورة كلها تشهد بصحة هذا القول كأبي حنيفة وسفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر وابن جرير الطبري وهذه مذاهبهم منقولة بين يدينا ولم يختلفوا في هذه المسألة.

يتبين مما تقدم أمران:

الأول أن الرجل إذا علق طلاق زوجته على شيء فتعليقه معتبر ويقع طلاقه عند وجود ما علق به، سواء قصد بذلك إيقاع الطلاق أم قصد اليمين حثا أو منعا أو تصديقا لخبر أو تكذيبا له، واستدلوا على ذلك بأدلة منها حديث «المؤمنون عند شروطهم» ومنها قياس الطلاق على العتق بجامع ما لكل منهما من قوة وسراية، ومنها اعتبار الكتاب والسنة للتعليقات مطلقا من القطع بحصول المشروط فيها عند وجود شرطه، ومنها ما نقله الأئمة من إجماع الأمة على إيقاع الطلاق المعلق عند وجود المعلق عليه سواء كان التعليق على وجه اليمين أم لا. إلى آخر الوجوه التي ذكرها تقي الدين السبكي في الاستدلال على ما تقدم، ويناقش ذلك بما يأتي نقله عن ابن تيمية وابن القيم.

الأمر الثاني أن الرجل إذا علق طلاق أجنبية منه على نكاحها فتعليقه لغو، ولا يقع طلاقه عند زواجه بها، بناء على أنها أجنبية منه وقت التعليق، وأن التعليق إيقاع لا يمين كما تقدم بيانه نقلا عن ابن الهمام عند ذكر مذهب الحنفية. . وما وراء هذا من اقتضاء صيغ التعليق للفور أو التكرار وعدم اقتضائها لذلك ومن وقوع المعلق على نفي الفعل عند اليأس منه أو عند مضي زمن يمكن فيه الفعل فلا تعلق له بأصل البحث المطلوب إعداده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015