الخامس أن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على ذلك التقدير، ولذلك نصبه الزوج مانعا من ذلك الفعل، ولولا ذلك لما امتنع، ولا استحالة في كون الطلاق غير مقصود للزوج في نفس الأمر، ومقصودا له على تقدير، وإذا كان مقصودا ووجد الشرط وقع الطلاق على مقتضى تعليقه وقصده.
السادس أنه عند الشرط يصح اسم التطليق لما تقدم فيندرج تحت قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَه} (?).
السابع أن التطليق مفوض إلى العبد بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِن} (?) وهو أعم من المنجز والمعلق فيندرج المعلق تحت الآية.
5 - وقال (?) أيضا وقد نقل إجماع الأمة على ذلك - أي إيقاع الطلاق المعلق سواء كان على وجه اليمين أو لا - أئمة لا يرتاب في قولهم. ولا يتوقف في صحة نقلهم، فمن ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه وناهيك به قال: وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهما، وكذلك نقله أبو ثور وهو من الأئمة أيضا، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإجماع أبو بكر بن المنذر، ونقله أيضا الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد بن نصر المروزي، ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه "التمهيد" و "الاستذكار" وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالا. . ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب المقدمات له، ونقله الإمام الباجي في المنتقى، وغير هؤلاء من الأئمة.
وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق، وهذا مستقر بين الأمة، والإمام أحمد أكثرهم نصا عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخلها الكفارة، وذكر العتق وذكر الأثر الذي استدل به ابن تيمية فيه وهو خبر ليلى بنت العجماء الذي يبني ابن تيمية حجته عليه ورده بأثر آخر صح عنده وهو أثر عثمان بن حاضر وفيه فتوى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وجابر رضي الله عنهم بإيقاع العتق على الحانث في يمينه ولم يعمل بأثر ليلى بنت العجماء ولم يبق في المسألة إلباسا رضي الله عنه.
6 - وقال (?) السبكي أيضا فإن قلت: يرد عليك أمران:
أحدهما: طلب الفرق بين هذا وبين نذر اللجاج عند من جعله يتخلص منه بكفارة يمين.