الرمي، والظاهر أنه قاله سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم إذ هو باب لا يدرك بالرأي والاجتهاد فصار اليوم الأخير من أيام التشريق مخصوصا من حديث جابر رضي الله عنه بهذا الحديث أو يحمل فعله في اليوم الأخير على الاستحباب، ولأن له أن ينفر قبل الرمي، ويترك الرمي في هذا اليوم رأسا فإذا جاز له ترك الرمي أصلا فلأن يجوز له الرمي قبل الزوال أولى. انتهى.
* قال الزيلعي: ورواية (?) البيهقي عن ابن عباس (إذا انتفخ النهار من يوم النفر فقد حل الرمي والصدر) انتهى في مسند طلحة بن عمر وضعفه البيهقي قال: والانتفاخ: الارتفاع. انتهى.
وقال (?) ابن منظور: وانتفخ النهار علا قبل الانتصاف بساعة. وقال (?) البابرتي، قوله في المشهور من الرواية احتراز عما روى الحسن عن أبي حنيفة أنه إن كان من قصده أن يتعجل في النفر الأول فلا بأس بأن يرمي في اليوم الثالث قبل الزوال، وإن رمى بعده فهو أفضل وإن لم يكن ذلك من قصده فلا يجوز أن يرمي إلا بعد الزوال وذلك لدفع الحرج لأنه إذا نفر بعد الزوال لا يصل إلى مكة إلا بالليل فيحرج في تحصيل موضع المنزل.
وقال (?) ابن الهمام: قوله في المشهور من الرواية احتراز عما روي عن أبي حنيفة - رحمه الله - قال: أحب إلي ألا يرمي في اليوم الثاني والثالث حتى تزول الشمس فإن رمى قبل ذلك أجزأه.
وحمل المروي من قوله عليه السلام على اختيار الأفضل. وجه الظاهر ما قدمناه من وجوب اتباع المنقول لعدم المعقولية، ولم يظهر أثر تخفيف فيها بتجويز الترك لينفتح باب التخفيف بالتقديم وهذه الزيادة يحتاج إليها أبو حنيفة وحده. انتهى.
* قال (?) الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بعد سياقه للأدلة الدالة على أنه لا يجوز الرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق. قال: وبهذه النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تعلم أن قول عطاء وطاوس بجواز الرمي في أيام التشريق قبل الزوال وترخيص أبي حنيفة في الرمي يوم النفر قبل الزوال، وقول إسحاق إن رمى قبل الزوال في اليوم الثالث أجزأه كل ذلك خلاف التحقيق لأنه مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك خالف في الترخيص أبا حنيفة صاحباه محمد وأبو يوسف. ولم يرد في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيء يخالف ذلك فالقول بالرمي قبل الزوال في أيام التشريق لا مستند له البتة مع مخالفته للسنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي لأحد أن يفعله.