لم يخرج من مكة حتى يودع البيت بالطواف، إذا فرغ من جميع أموره ليكون آخر عهده بالبيت على ما جرت به العادة في توديع المسافر إخوانه وأهله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى يكون آخر عهده بالبيت (?)» إن لم يقم بمكة أو حرمها، فإن أقام بمكة أو حرمها فلا وداع عليه، وهو على كل خارج من مكة ووطنه في غير الحرم، سواء كان حرا، أو عبدا، ذكرا، أو أنثى، صغيرا، أو كبيرا، وتقدم في أول فصل من هذا الكتاب حكم طواف الصغير، فليراجع عند الاحتياج إليه، ودليل ذلك ما روى ابن عباس قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض (?)» متفق عليه، وفي رواية عنه قال: «كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (?)» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه، وعن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة (?)» رواه أحمد، وعن عائشة قالت: «حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت، قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أحابستنا هي " قلت: يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال: " فلتنفر إذا") (?)» متفق عليه، ومن كان خارج الحرم ثم أراد الخروج من مكة فعليه الوداع، سواء أراد الرجوع إلى بلده أو غيره لما تقدم، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (فلا يخرج الحاج حتى يودع البيت فيطوف طواف