وسلم: «حتى يكون آخر عهده بالبيت (?)».
(فصل) ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي لا وداع عليه، ومن كان منزله خارج الحرم قريبة منه فظاهر كلام الخرقي: أنه لا يخرج حتى يودع البيت، وهذا قول أبي ثور، وقياس قول مالك، ذكره ابن القاسم، وقال أصحاب الرأي في أهل بستان ابن عامر، وأهل المواقيت: إنهم بمنزلة أهل مكة في طواف الوداع لأنهم معدودون من حاضري المسجد الحرام، بدليل سقوط دم المتعة عنهم.
(ولنا) عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (?)» ولأنه خارج من مكة فلزمه التوديع كالبعيد.
(فصل) فإن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج، ففيه روايتان: إحداهما: يجزئه عن طواف الوداع، لأنه أمر أن يكون آخر عهده بالبيت وقد فعل، ولأن ما شرع لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه، كتحية المسجد ركعتين تجزئ عنهما المكتوبة، وعنه: لا يجزئه عن طواف الوداع؛ لأنهما عبادتان واجبتان فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى كالصلاتين الواجبتين.
(مسألة) قال: (فإن ودع واشتغل في تجارة عاد فودع).
قد ذكرنا أن طواف الوداع إنما يكون عند خروجه ليكون آخر عهده بالبيت، فإن طاف للوداع، ثم اشتغل بتجارة أو إقامة فعليه إعادته، وبهذا قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وأبو ثور،