إذن هما كلمتان تستعمل كل منهما في محل الأخرى، غير أن المتتبع يجد أن كلمة خالف تستعمل في حالة العصيان الواقع عن قصد كمن يخالف الأوامر، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (?)، ولم يقل سبحانه: يختلفون في أمره، أما كلمة اختلف فتكون في حالة المغايرة في الفهم الواقع من تفاوت وجهات النظر، وعليه قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} (?)، ولم يقل سبحانه: خالفوا فيه.
ومنه قوله تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} (?)، فجعله عز وجل اختلافا لا مخالفة.
وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} (?)، ولم يقل سبحانه: تخالفون فيه.
وابن نوح عليه السلام خالف نوحا لما قال له فيما يحكيه تعالى عنه إذ قال لابنه: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} (?) {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي} (?)، فكان مخالفا.