{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (?) مع ذلك فقد أخبر تعالى أن الاختلاف لا بد من وقوعه ليميز الله الحق من الباطل، فيضل من يشاء عدلا، ويهدي من يشاء فضلا، فتظهر من آثار حكمه القدرية نظير ما أظهر لعباده من حكمه الشرعية، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (?) {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (?).
فالمرحوم من عباد الله من لا يوجد الخلاف بينهم {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} (?) وأعظم الاختلاف وأشده ما كان عن علم وبصيرة إذ أن مقتضى العلم الاجتماع على الحق فإذا حصل الاختلاف فلا يكون إلا ببغي وظلم ظاهر بين قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (?) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (?).
ومن هذا المنطلق فإن اختلاف أمة محمد صلى الله عليه وسلم في أمر من أمور الديانة لا يكون إلا مذموما قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} (?) ولولا أنه مذموم لما حذرهم منه ونهاهم عنه لا سيما وأن بيانه صلى الله عليه وسلم أكمل البيان وأظهره مما لا يجعل مجالا للاختلاف كما قال صلى الله عليه وسلم: «تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ