في وقت السلم إذا أمكن وجوده في وقت حلول الأجل، فذهب إلى جوازه الجمهور قالوا: ولا يضر انقطاعه قبل الحلول، وقال أبو حنيفة: لا يصح فيما ينقطع قبله، بل لا بد أن يكون موجودا من العقد إلى المحل، ووافقه الثوري والأوزاعي فلو أسلم في شيء فانقطع في محله لم ينفسخ عند الجمهور، وفي وجه للشافعية ينفسخ. واستدل أبو حنيفة ومن معه بما أخرجه أبو داود عن ابن عمر.
«أن رجلا أسلف رجلا في نخل فلم يخرج تلك السنة شيئا فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فقال: "بم تستحل ماله؟ اردد عليه ماله، ثم قال لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه (?)». وهذا نص في التمر. وغيره قياس عليه. ولو صح هذا الحديث لكان المصير إليه أولى؛ لأنه صريح في الدلالة على المطلوب، بخلاف حديث عبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله بن أبي أوفى فليس فيه إلا مظنة التقرير منه صلى الله عليه وآله وسلم مع ملاحظة تنزيل ترك الاستفصال منزلة العموم، ولكن حديث ابن عمر هذا في إسناده رجل مجهول فإن أبا داود رواه، عن محمد بن سفيان، عن كثير عن أبي إسحاق عن رجل نجراني عن ابن عمر، ومثل هذا لا تقوم به حجة، قال القائلون بالجواز: ولو صح هذا الحديث لحمل على بيع الأعيان أو على السلم الحال عند من يقول به أو على ما قرب أجله. قالوا: ومما يدل على الجواز ما تقدم من أنهم كانوا يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، ومن المعلوم أن الثمار لا تبقى هذه المدة، ولو اشترط الوجود لم يصح السلم في الرطب إلى هذه المدة، وهذا أولى ما يتمسك به في الجواز.