قال زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر رأى معاذا يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اليسير من الرياء شرك، ومن عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة (?)»، فأطلق اسم المحاربة عليه وإن لم يكفر، وروى أسباط، عن السدي، عن صبيح مولى أم سلمة، عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم: «أنا حرب لمن حاربتم سلم لمن سالمتم (?)»، وقال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?)، والفقهاء متفقون على أن ذلك حكم جار في أهل الملة، وأن هذه السمة تلحقهم بإظهارهم قطع الطريق، وقد دل على أنه جائز إطلاق اسم المحاربة لله ورسوله على من عظمت معصيته وفعلها مجاهرا بها، وإن كانت دون الكفر، وقوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (?) إخبار منه بعظم معصيته وأنه يستحق بها المحاربة عليها، وإن لم يكن كافرا وكان ممتنعا على الإمام، فإن لم يكن ممتنعا عاقبه الإمام بمقدار ما يستحقه من التعزيز والردع، وكذلك ينبغي أن يكون حكم سائر المعاصي التي أوعد الله عليها العقاب إذا أصر الإنسان عليها وجاهر بها، وإن كان ممتنعا حورب عليها هو ومتبعوه وقوتلوا حتى ينتهوا، وإن كانوا غير