يقبض ولم يبطل المقبوض ثم قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (?)، وهو تأكيد لإبطال ما لم يقبض منه وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه ولا زيادة، وروي عن ابن عمر وجابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته يوم حجة الوداع بمكة، وقال جابر بعرفات: «إن كل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب (?)»، فكان فعله صلى الله عليه وسلم مواطئا لمعنى الآية في إبطال الله تعالى من الربا ما لم يكن مقبوضا وإمضائه ما كان مقبوضا.
وفيما روي في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ضروب من الأحكام:
أحدها: أن كل ما طرأ على عقد البيع قبل القبض مما يوجب تحريمه، فهو كالموجود في حال وقوعه، وما طرأ بعد القبض مما يوجب تحريم ذلك العقد لم يوجب فسخه، وذلك نحو النصرانيين إذا تبايعا عبدا بخمر فالبيع جائز عندنا، وإن أسلم أحدهما قبل قبض الخمر بطل العقد، وكذلك لو اشترى رجل مسلم صيدا ثم أحرم البائع أو المشتري بطل البيع؛ لأنه قد طرأ عليه ما يوجب تحريم العقد قبل القبض، كما أبطل الله تعالى من الربا ما لم يقبض؛ لأنه طرأ عليه ما يوجب تحريمه قبل القبض، وإن كانت الخمر مقبوضة ثم أسلما أو أحرما لم يبطل البيع كما لم يبطل الله الربا المقبوض حين أنزل التحريم، فهذا جائز في نظائره من المسائل ولا يلزم عليه أن يقبل العبد البيع