فثبت بذلك أن الربا قد صار اسما شرعيا؛ لأنه لو كان باقيا على حكمه في أصل اللغة لما خفي على عمر لأنه كان عالما بأسماء اللغة؛ لأنه من أهلها، ويدل عليه أن العرب لم تكن تعرف بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نساء ربا، وهو ربا في الشرع، وإذا كان ذلك على ما وصفنا صار بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة إلى البيان وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة، نحو الصلاة والصوم والزكاة، فهو مفتقر إلى البيان ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شيء من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من مراد الله بالآية نصا وتوفيقا، ومنه ما بينه دليلا، فلم يخل مراد الله من أن يكون معلوما عند أهل العلم والاستدلال، والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به، ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد وإذا كان متفاضلا من جنس واحد، هذا كان المتعارف المشهود بينهم؛ ولذلك قال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (?)، فأخبر سبحانه أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين؛ لأنه لا عوض لها من جهة المقرض؛ وقال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} (?) إخبارا عن الحال التي خرج عليها الكلام من شرط