إذا لا بد من الابتلاء، فلو كان المؤمنون دائما منصورين قاهرين غالبين لدخل معهم من ليس قصده الدين ومتابعة الرسول، فإنه إنما ينضاف إلى من له الغلبة والعزة، ولو كانوا مقهورين مغلوبين دائما لم يدخل معهم أحد، فاقتضت الحكمة الإلهية أن كانت لهم الدولة تارة وعليهم تارة، فيتميز بذلك بين من يريد الله ورسوله ومن ليس له مراد إلا الدنيا والجاه (?). وقد مرت حوادث على الأمة الإسلامية تميز فيها الصادق من المنافق، ومن أبرزها ما حصل في غزوة أحد حين خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى أحد، قال ابن إسحاق حتى إذا كانوا بالشوط (?) بين المدينة وأحد انخذل عنه عبد الله بن أبي سلول بثلث الناس وقال: (أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل هاهنا أيها الناس)، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب (?)، وقد ذكر ابن القيم من الحكم في غزوة أحد فقال: (ومنها أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر وطالهم الصيب، ودخل معهم في الإسلام ظاهرا من ليس معهم فيه