لقومه: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (?)، وقال عن موسى أنه قال: {يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} (?)، وقال عن بلقيس: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (?)، فعلهم بهذه الآيات وما في معناها أن الإسلام هو دين الأنبياء جميعا، وهو دين الرسل جميعا - عليهم الصلاة والسلام -، وأنه دين الله حقا لا دين له سواه، ولا يقبل من أحد دينا سواه، وهو الدين الذي أمر الرسل بإقامته، وحقيقته توحيد الله - عز وجل - في ملكه وتدبيره وأفعاله، وفي عبادته سبحانه، وفي أسمائه وصفاته، والانقياد لأمره وقبول شريعته، والدعوة إلى سبيله والاستقامة على ذلك، والاجتماع عليه وعدم التفرق فيه، وهذا هو الدين الذي أمرنا بإقامته وأمر الله الرسل ومن بعدهم بإقامته، كما قال تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (?)، فإقامة الدين معناها: قبوله والتزامه، وإظهاره، والدعوة إليه، والسير عليه، والثبات عليه، واجتماع على ذلك قولا وعملا وعقيدة، وعدم التفرقة في ذلك، وبهذا تجتمع كلمة المسلمين ويتحد صفهم ويقوى جانبهم ويهابهم عدوهم.
هكذا كان الرسل - عليهم الصلاة والسلام - كلهم أمروا بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، ولا يخفى على ذي اللب ما في إقامة الدين والاجتماع عليه وعدم التفرق من قوة المسلمين وتمكنهم من أخذ حقوقهم من أعدائهم، وانتصافهم منهم وهيبة الأعداء لهم في نفس