في كتابه عن الجنة والنار واليوم الآخر، وعن كل ما أخبر الله به ورسوله كله داخل في هذه العبادة وفي هذا الإيمان؛ فالدعوة إلى توحيد الله دعوة إلى الدين كله، فإن من دخل في توحيد الله والتزم بالإخلاص لله لزمه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه من الحقوق، وأن يدع ما حرم الله عليه، فهي فروع ومكملات لهذا الأساس.
فلا بد من توحيد الله والإخلاص له وترك الإشراك به. هذا أول واجب وأهم واجب؛ ولهذا بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم في أهل مكة وفي غيرهم، كان أول شيء يدعو إليه الدعوة إلى توحيد الله والإخلاص له، وترك الإشراك به، هذا هو أول واجب وأعظم واجب، والدعوة الإيمان به وأنه رسول الله حقا، ثم بعد ذلك الدعوة إلى بقية أمور الإسلام من الصلاة وغيرها.
ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه إلى اليمن قال له: «إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله (?)» وفي رواية أخرى: «فادعهم إلى أن يوحدوا الله، فإن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة (?)»، فأمرهم أن يدعوهم أولا إلى توحيد الله والإخلاص له إلى عبادة الله وحده، إلى ترك الإشراك به، هذا هو أول واجب، وهذه هي العبادة التي خلق الله لها الناس كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (?)