وإن اختلفت مقاماتهم ودرجاتهم. قال ابن جرير بعد ذكر ما ورد في معنى هذه الآية: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود ولم يخص ذلك على وقت دون وقت، وإن كان ذلك كذلك، فذلك على كل الأوقات فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته، وآثار أداء فرائضه وتطوعه. وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به، وذلك الغرة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء وبياض الوجه من أثر السجود) (?).

فالحسن والبهاء يعلو تلك الوجوه المستنيرة بنور الإيمان، وتزداد صفاء بالنظر إلى الرحمن، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (?) {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (?) ويستمر البشر والوضاء على الوجوه في الزيادة من شدة الفرح فتظهر ضاحكة مستبشرة بالنعيم الذي فازت به. قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} (?) {ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} (?) أي: يوم القيامة يظهر اغتباطها بالفوز، فتظهر بهذا المنظر الذي يشاهدهم به من كان في ذلك الموقف على الوجوه متنعمة. مما ظفرت به، جزاء على ما قدمته من الأعمال الصالحة في الحياة الدنيا، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ} (?) {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015