في حديث معمر بن عبد الله المذكور. ويجاب عنه بما في آخر الحديث من قوله: (وكان طعامنا يومئذ الشعير) فإنه في حكم التقييد لهذا المطلق، وأيضا التصريح بجواز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا كما في حديث عبادة، وكذلك عطف أحدهما على الآخر كما في غيره من أحاديث الباب مما لا يبقى معه ارتياب في أنهما جنسان.
واعلم أنه قد اختلف هل يلحق بهذه الأجناس المذكورة في الأحاديث غيرها، فيكون حكمه حكمها في تحريم التفاضل والنساء مع الاتفاق في الجنس، وتحريم النساء فقط مع الاختلاف في الجنس والاتفاق في العلة؛ فقالت الظاهرية: (أنه لا يلحق بها غيرها في ذلك). وذهب من عداهم من العلماء إلى أنه يلحق بها ما يشاركها في العلة ثم اختلفوا في العلة ما هي؟ فقال الشافعي: (هي الاتفاق في الجنس والطعم فيما عدا النقدين، وأما هما فلا يلحق بهما غيرهما من الموزونات). واستدل على اعتبار الطعم بقوله صلى الله عليه وسلم: "الطعام بالطعام". وقال مالك في النقدين كقول الشافعي، وفي غيرهما العلة: الجنس والتقدير والاقتيات. وقال ربيعة: (بل اتفاق الجنس ووجوب الزكاة). وقالت العترة جميعا: (بل العلة في جميعها اتفاق الجنس والتقدير بالكيل والوزن)، واستدلوا على ذلك بذكره صلى الله عليه وسلم للكيل والوزن في أحاديث الباب. ويدل على ذلك أيضا حديث أنس المذكور فإنه حكم فيه على كل موزون مع اتحاد نوعه، وعلى كل مكيل كذلك بأنه مثل بمثل، فأشعر بأن الاتفاق في أحدهما مع اتحاد النوع موجب لتحريم التفاضل بعموم النص لا بالقياس، وبه يرد على الظاهرية، لأنهم إنما منعوا من الإلحاق لنفيهم للقياس. ومما يؤيد ذلك ما سيأتي في حديث أبي سعيد، وأبي هريرة أن النبي صعد قال في الميزان مثل ما قال في المكيل على ما سيبينه المصنف- إن شاء الله تعالى- وإلى مثل ما ذهبت إليه العترة ذهب أبو حنيفة وأصحابه، كما حكى ذلك عنه المهدي في البحر،